09. July 2020 — Press Release
09.07.2020 — خبر صحفى

سعي الشباب للمعرفة يبّشر بمستقبل واعد للحفاظ على الأنواع

houbara2

بقلم سعادة محمد صالح البيضاني، المدير العام للصندوق الدولي للحفاظ على الحبارى

اتسمت الأشهر القليلة الماضية بصعوبتها في العديد من الجوانب، غير أنّ هذا لم يمنع ظهور الكثير من النقاط الإيجابية، بما فيها التعطّش الحقيقي للمعرفة والرغبة بالمشاركة والسعي للتواصل والتعلّم.

وقد تشرّفنا بالتفاعل مع مجموعة من العقول الإماراتية اللامعة في جلسة "التعلّم من الماضي والاستثمار للمستقبل"، وهي جزء من سلسلة المجالس الافتراضية الحية للشباب التي ينظمها برنامج "تواصل مع الطبيعة" تحت عنوان "لنعيد تخيّل المستقبل". ويولي الصندوق الدولي للحفاظ على الحبارى أهمية كبيرة لشراكته الاستراتيجية مع برنامج "تواصل مع الطبيعة" والمشاركة في جلسات الشباب بين الحين والآخر. ويُعتبر مجلس الشباب في برنامج "تواصل مع الطبيعة" وسيلة متميزة للارتقاء بدور جيل الشباب في الدولة وتعزيز حضورهم؛ إذ بات من الأهمية أن يصدح صوت هذا الجيل الذي يُمثل نواة صناع التغيير القادم والناشطين في مجال الحفاظ على البيئة.

ومن موقعنا كمؤسسة رائدة عالمياً بنموذجها الاستباقي للحفاظ على الأنواع، ورؤيتنا الرامية إلى تعزيز أعداد الحبارى في البرية بشكل مستدام في حدود الطاقة الاستيعابية القصوى للنظام البيئي، يمثّل التعليم أحد أهم المحاور الاستراتيجية بالنسبة إلينا. ويتجسد أحد أبرز أهدافنا في إعداد قادة الغد، عبر تثقيف الشباب وتعزيز وعيهم حيال أهمية حماية البيئة من أجل صون مستقبل الأنواع الرمزية والمهددة مثل طيور الحبارى.

وتتيح لنا الشراكة الاستراتيجية مع برنامج "تواصل مع الطبيعة" الوصول المباشر إلى شريحة مؤثرة من الجماهير واستكمال نهجنا الشامل حول التوعية بالحفاظ على الأنواع. وباعتبارنا شريك فعلي لوزارة التربية والتعليم فإن برنامجنا التعليمي (الحفاظ على الأنواع) "نموذج الحبارى" يحظى باعتراف الوزارة وتم دمجه في المناهج الدراسية في الدولة. ويتبّع البرنامج منهجية التعليم المدمج، مع اعتماد أحدث الوسائط التعليمية التقنية والتفاعلية مثل التعليم عبر اللعب، بهدف تعريف الطلبة بطيور الحُبارى وتزويدهم بمهارات القرن الحادي والعشرين للتعامل مع أحدث التقنيات التي ستدعم مسيرتهم التعليمية.

وكما حظي البرنامج التعليمي بالكثير من التفاعل الإيجابي والحماس من قبل المعلمين والطلبة، فقد قوبل برنامج "تواصل مع الطبيعة" والجلسة الافتراضية الشبابية بذات الحماس والإعجاب. وقد لمسنا، خلال مشاركة قصة نجاحنا في مجال الحفاظ على الأنواع، مستوى الوعي البيئي والرغبة في إحداث التغيير الذي أظهرته هذه المجموعة، والتي لا يُمكن توجيه العتب لها أبداً في حال قررت التركيز على الجانب الاقتصادي في أعقاب جائحة كوفيد-19، لا سيما بالنظر إلى الوضع الاستثنائي الذي عانينا منه جميعاً، وهذا ما أسعدنا كثيراً.

واستمتعنا بنقاش هام مع أكثر من 200 شاب وشابة ممّن أظهروا اهتماماً بالغاً بالعمل الذي نقوم به في الصندوق وبسُبل المشاركة في أنشطة الحفاظ على الأنواع بهدف حماية المنظومة البيئية للدولة والتراث الإماراتي على العموم. وكما هي الحال بالنسبة لمعركتنا ضد الجائحة، لمسنا شعوراً حقيقاً لدى كافة المشاركين في مجلس الشباب بأنّنا جميعا يدٌ واحدة عندما تتعلق المسألة بجهود الحفاظ على الأنواع، وبأنّ الخطوات الصغيرة التي يقوم بها أيّ فرد قد تُسهم في إحداث الفارق الكبير المنشود.

وتميزت أجواء الجلسة بالعديد من الجوانب الإيجابية والنقاشات الهادفة، بينما أبدى الشباب المشاركون رغبة حقيقية في المساهمة الفاعلة في حماية الثقافة والتراث الوطني. كما سلطت الجلسة الضوء على أهمية تضافر الجهود وتوحيدها للخروج بحزمة إجراءات جماعية، وتعزيز خيارات نمط الحياة الصحي لمجتمع أكثر ازدهارا واستدامة. نحن على يقين بأهمية ودور المسؤولية المجتمعية للأفراد والمؤسسات، إلا أن الحفاظ على الأنواع، لا بد وأن يترسخ كثقافة تنتقل بين الأجيال. وبصفتهم نواة المجتمع، بإمكان الشباب أن يلعب دورًا مهمًا ومحفزا في نشر الوعي حول أهمية الحفاظ على الأنواع واستدامة المجتمعات.

وأما فيما يتعلق بتسليط الضوء خلال نقاشنا على الدور البارز الذي تلعبه طيور الحبارى في المنظومة البيئية الإقليمية ومستويات التنوع الحيوي في العديد من الدول الواقعة على مسارات هجرة الأنواع البيولوجية، كنا سعيدين للغاية لتقبل الجمهور فكرة دعم جهود الصندوق لضمان المستقبل المستدام لطيور الحبارى وموائلها الطبيعية.

وعلى نحو مماثل، وفي سياق تطرقنا إلى العلاقة الجوهرية بين طيور الحبارى وعناصر الثقافة العربية مثل رياضة الصقّارة التراثية، والتي ستتعذر ممارستها بدون وجود أعداد مستدامة من طيور الحبارى، أعرب الحضور عن رغبتهم بالمساعدة في تعزيز مستويات الوعي في مجالات تخصصهم.

وكُنا قد عملنا على مدى العقود الأربعة الماضية على تجميع قدر وافر من البحوث العلمية التي أتاحت لنا تحقيق إنجازات هائلة في رؤيتنا الرامية إلى ضمان أقصى درجات الاستدامة لأعداد طيور الحبارى في البرية. ومن المهم للغاية أن نواصل جهودنا لتثقيف جيل الشباب بغية تحقيق هذه الرؤية.

وأكّدت لنا هذه الجلسة بأنّنا على المسار الصحيح نحو هذه الغاية. وبإمكاننا يداً بيد أن نضمن المستقبل المستدام؛ فجميعنا معنيون بتحقيق هذا الهدف.