إن الانخفاض الحاد في الموارد الطبيعية أمر غير طبيعي: تقرير الصندوق العالمي للطبيعة يكشف عن التأثير المخيف للإنسان على كوكب الأرض
- يوضح تقرير الكوكب الحي أن معدل عدد الفقاريات على مستوى العالم قد انخفض بنسبة 60 في المائة في أكثر من 40 سنة فقط.
- إن العامل الرئيسي وراء فقدان التنوع البيولوجي الحالي يعود إلى الاستغلال المفرط والزراعة، وكلاهما مرتبطان بالاستمرار المتزايد للاستهلاك البشري.
- إن الاستهلاك البشري غير المحدود يقلل بشدة من قدرة الطبيعة في الحفاظ على حياتنا ومجتمعاتنا واقتصاداتنا والعمل على استدامتها، فعلى الصعيد العالمي نجد أن الطبيعة توفر للبشرية خدمات تقدر قيمتها بنحو 125 تريليون دولار أمريكي سنوياً.
- أخذاً في الاعتبار العلاقة القوية بين صحة الطبيعة وسلوك الناس ومستقبل كوكبنا، نجد أن الصندوق العالمي للطبيعة يحث المجتمع العالمي على توحيد الجهود من أجل التوصل إلى اتفاق عالمي من أجل الطبيعة والإنسان يهدف لخفض فقدان التنوع البيولوجي.
أبوظبي 30أكتوبر 2018: إن الإنسانية وطريقة إطعامنا وتمويلها وتمويل مجتماعاتنا واقتصادتنا تدفع بالطبيعة والخدمات التي تدعمنا بها والتي تعمل على استدامتنا إلى حافة الهاوية. جاء ذلك وفقاً لتقرير الصندوق العالمي للطبيعة عن الكوكب الحي لعام 2018، حيث يعرض التقرير الذي صدر اليوم بصورة واقعية مدى
تأثير النشاط البشري على الحياة البرية في العالم، وكذلك الغابات، والمحيطات، والأنهار، والمناخ، مما يبرهن على آلية العمل السريعة لإنهاء الحياة البرية والحاجة الملحة للمجتمع العالمي بشأن إعادة التفكير بشكل جماعي حول إعادة التعريف عن كيفية تقييمنا للطبيعة وطريقة حمايتها واستعادتها.
ويقدم تقرير الكوكب الحي لعام 2018 نظرة شاملة عن حالة عالمنا الطبيعي، وذلك بعد عشرين عاماً من نشر التقرير لأول مرة، من خلال المؤشرات مثل مؤشر الكوكب الحي الذي تنشره جمعية علم الحيوان في لندن، ومؤشر موائل الأنواع، ومؤشر قائمة الأمم المتحدة الحمراء، ومؤشر سلامة التنوع البيولوجي، حيث ترسم كل هذه المؤشرات مع نتائج التقرير بالإضافة إلى البصمة البيئية صورة مقلقة توضح أن النشاط البشري يدفع الأنظمة الطبيعية للكوكب التي تدعم الحياة على الأرض إلى حافة الهاوية.
إن العلم يوضح لنا الحقيقة القاسية التي تعيشها غاباتنا ومحيطاتنا وأنهارنا بأيدينا. وكما يقول ماركو لامبرتيني المدير العام للصندوق العالمي للطبيعة أنه على مستوى كل بوصة وكل نوع نلاحظ تقلص في أعداد الأحياء البرية والأماكن البرية وهذا يعكس التأثير الرهيب والضغط الذي نمارسه على هذا الكوكب، مما يخفض من قدرة النسيج الحي الذي يحافظ علينا جميعاً ألا وهو الطبيعة والتنوع البيولوجي.
كما يشير تقرير الكوكب الحي، الذي يقوم بملاحظة الإتجاهات في وفرة أعداد الحياة البرية العالمية، إلى أن أعداد الأسماك والطيور والثدييات والبرمائيات والزواحف قد إنخفض بنسبة 60 في المائة في الفترة بين عامي 1970 و 2014، وهي آخر سنة تتوافر فيها البيانات المتاحة، حيث ترتبط التهديدات الرئيسية للأنواع المحددة في التقرير بصورة مباشرة بالأنشطة البشرية، بما في ذلك فقدان الموائل وتدهورها وكذلك الاستغلال المفرط للحياة البرية.
من الأنهار والغابات الممطرة، مروراً بأشجار القرم والجبال، يشير عملنا في جميع أنحاء العالم إلى أن وفرة الحياة البرية قد انخفضت بشكل كبير منذ عام 1970. إن الإحصائيات تبدو مرعبة، لكنها لا تفقدنا الأمل. حيث ما زلت لدينا فرصة لتصميم مسار جديد للأمام يتيح لنا التعايش بصورة مستدامة مع الحياة البرية التي نعتمد عليها. إذ يحدد التقرير أجندة طموحة للتغيير. وكما قال البروفيسور كين نوريس، مدير العلوم في جمعية علم الحيوان في لندن: "نحن في حاجة لمساعداتكم لتحقيق التغيير".
نجد أنه في العقود الأخيرة، أثر النشاط البشري بشدة أيضاً على الموائل والموارد الطبيعية والحياة البرية والبشرية التي تعتمد على سبيل المثال على المحيطات والغابات والشعاب المرجانية والأراضي الرطبة وأشجار القرم، حيث اختفى 20 في المائة من نهر الأمازون خلال 50 سنة فقط، هذا في الوقت الذي تشير فيه التقديرات إلى أن الأرض قد فقدت نصف مياهها المرجانية الضحلة في السنوات الثلاثين الماضية.
مع تسليط الضوء على مدى تأثير النشاط البشري على الطبيعة، فإن تقرير الكوكب الحي لعام 2018 يلقي الضوء أيضاً على أهمية وقيمة الطبيعة لصحة الإنسان ورفاهيته وكذلك رفاهية مجتمعاتنا وإقتصاداتنا. على الصعيد العالمي، نجد أن الطبيعة توفر خدمات تبلغ قيمتها نحو 125 تريليون دولار أمريكي سنوياً، وكذلك تساعد الطبيعة في ضمان توفير الهواء النقي والمياه النظيفة والطاقة والأدوية وغيرها من المنتجات والمواد.
وينظر التقرير تحديداً إلى أهمية الملقحات المسؤولة عن إنتاج المحاصيل من من 235 – 577 مليار دولار سنوياً، وكيف أثر تغير المناخ و الممارسات الزراعية المكثفة والأنواع الغازية والأمراض الناشئة على وفرة وتنوع وصحة هذه الملقحات.
"في الوقت الذي ظلت فيه الطبيعة تدعم بصمت وتقوم بتغذية مجتمعاتنا وإقتصاداتنا على مدى قرون طويلة، وتستمر في ذلك إلى اليوم، إستمر العالم في إعتبار أن الطبيعة وخدماتها المقدمة أمراً مفروغاً منه، لقد فشل العالم في العمل على وقف فقدان الطبيعة المتسارع. لقد حان الوقت لأن ندرك أن المستقبل الصحي والمستدام للجميع ممكن أن يتحقق فقط على الكوكب بشرط إزدهار الطبيعة والغابات والمحيطات والأنهار وأن تعج بالتنوع البيولوجي والحياة". وقد أضاف لامبرتيني: "نحن بحاجة إلى إعادة النظر بشكل عاجل في كيفية استخدامنا وتقييمنا للطبيعة، ثقافياً واقتصادياً على أجندتنا السياسية. نحن بحاجة إلى التفكير في الطبيعة الغنّاء والملهمة، فلقد أصبحنا نحن وكوكبنا بحاجة إلى صفقة عالمية جديدة لمصلحة الطبيعة والإنسان الآن أكثر من أي وقت مضى."
وتشير المعطيات إلى حتمية التقارب بين جدولي الأعمال بالنسبة للبيئة والتنمية البشرية، إذا ما أردنا بناء مستقبل مستدام للجميع، حيث يسلط تقرير الكوكب الحي لعام 2018 الضوء على الفرصة السانحة أمام المجتمع العالمي من أجل حماية واستعادة الطبيعة قبل عام 2020، حيث أنه العام الحاسم الذي من المنتظر فيه أن يقوم قادة العالم فيه بمراجعة التقدم المؤثر في تحقيق أهداف التنمية المستدامة واتفاق باريس وكذلك اتفاقية التنوع البيولوجي.
يدعو الصندوق العالمي لحماية الطبيعة الأشخاص والشركات والحكومات إلى تجهيز وتسليم اتفاقية إطار شاملة للطبيعة والإنسان في ظل إتفاقية التنوع البيولوجي، والتي تحفز العمل العام والخاص لحماية وإستعادة التنوع البيولوجي والطبيعة العالميين وتمنع إنخفاض المنحنى على الإتجاهات المدمرة التي تم تسليط الضوء عليها في تقرير الكوكب الحي لعام 2018.
وستقوم اتفاقية التنوع البيولوجي سي أو بي 14 بالدعوة لتجمع قادة العالم، والشركات والمجتمع المدني بغرض تطوير إطار العمل لما بعد عام 2020 للتنوع البيولوجي العالمي، لذلك فهو يمثل اللحظة الحاسمة لوضع حجر الأساس لصفقة عالمية مطلوبة بشكل عاجل للطبيعة والإنسان.
إن تقرير الكوكب الحي لعام 2018 هو الإصدار الثاني عشر من المنشور الرئيس الذي يصدر كل سنتين من الصندوق العالمي للطبيعة. حيث يتضمن التقرير أحدث النتائج التي تم رصدها بواسطة مؤشر الكوكب الحي الذي يتتبع 16،704 من أصل 4،005 نوعاً من الفقاريات من 1970 إلى 2014.